Translate

2014-05-08

الدرس الثامن من سلسلة دروس العقيدة الإسلامية .

              بسم الله الرحمن الرحيم:

        الدرس الثامن من سلسلة دروس العقيدة الاسلامية .

الموضوع :  تعريف نواقض الإسلام ومعنى الردَّة وأنواعها .

تعريف نواقض الإسلام:

النواقض: جمع ناقض اسم فاعل من نقض الشيء إذا حلّه وهدمه وأفسده، قال تعالى: ﴿ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا ﴾ [ النحل: 91 ].

الإسلام: هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله.

والإسلام له نواقض يجب على الإنسان معرفتها، لأنه قد يقع فيها فتخرجه من الإسلام وهو يدري أو لا يدري، فهذا إبراهيم - عليه السلام - خاف على نفسه من الشرك مع أنه هو الذي كسر الأصنام وأوذي في الله ومع هذا لم يأمن على نفسه وقال:

 ﴿ وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ ﴾ [إبراهيم: 35] لما رأى كثرة الشرك وكثرة المفتونين خاف على نفسه، فالإنسان لا يأمن على دينه بل يخاف عليه أكثر مما يخاف على نفسه وماله، لأن الدين هو أول الضرورات التي تجب المحافظة عليها، وهو الفاصل في مصير الإنسان في الحياة الأخروية، فمن رجع عن دينه فقد ارتد.

الرِّدة معناها ، و أنواعها:

الردّة: هي الرجوع فالمرتد هو الذي يرجع عن دينه إما بقول أو اعتقاد أو بفعل أو بشك، فهذه أصول أنواع الردة: القول والاعتقاد والفعل والشك. وينشأ عن هذه الأصول أنواع كثيرة من نواقض الإسلام.

أنواع الردة:

النوع الأول: الكفر بالقول:

كأن يتكلم بلفظ الكفر والشرك غير مكره، سواء كان جادًا أو هازلًا أو مازحًا، فإذا تكلم بكلام الكفر فإنه يحكم عليه بالردة إلا إذا كان مكرهًا، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ ﴾ [التوبة: 74 ].

وقال تعالى في الذين قالوا: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أكذب ألسنًا وأرغب بطونًا وأجبن عند اللقاء يعنون بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، " ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التوبة: 65، 66]، فدل هذا على أن الذي يتلفظ بكلام الكفر غير مكره فإنه يكفر ولو زعم أنه يمزح ويلعب، وفي هذا رد على مرجئة العصر الذي يقولون لا يرتد من قال كلام الكفر حتى يعتقد بقلبه ما قاله بلسانه، فكذلك من يدعو غير الله ويستغيث بغير الله كمن يستغيث بالأموات والغائبين والجن والشياطين فيقول: يا فلان أغثني فإنه يكفر بذلك.

النوع الثاني: الكفر بالاعتقاد:

وهو أن يعتقد الإنسان بقلبه ما يناقض الإسلام، كأن يعتقد أن الصلاة غير واجبة وليس لها قيمة مثل ما كان عليه المنافقون، فيأتي بالأعمال في الظاهر ولكنه في قلبه لا يؤمن بها وإنما يتظاهر بها ويتكلم، قال تعالى:

﴿ إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً ﴾ [المنافقون: 1-2] أي أنهم اتخذوا أيمانهم سترة يستترون بها، ﴿ فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ﴾، وقال تعالى ﴿ يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ﴾ [الفتح: 11] فمن كذب بقلبه كفر حتى لو أتى به ظاهرًا من الأعمال وهذا هو دين المنافقين لأنهم لا يعتقدون بقلوبهم ما تنطق به ألسنتهم أو ما تفعله جوارحهم من الأعمال المشروعة.

النوع الثالث: الكفر بالفعل:

كأن يعمل شيئًا من العبادات لغير الله، كمن يذبح لغير الله فهذا خرج من دين الإسلام وارتد لأنه عبد غير الله، فالذبح عبادة صرفها لغير الله فكفر بذلك كمن يذبح لصنم أو لقبر أو غير ذلك من معبودات المشركين، أو كمن يسجد للقبور فقد أشرك ولو كان يصلي ويصوم ويحج ويأتي بالواجبات فإن دينه نقض بهذا الفعل الشركي والعياذ بالله.

النوع الرابع: الكفر بالشك:

الشك: هو التردد، فإذا شك في قلبه، هل ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- صحيح أو غير صحيح؟ أو هل هناك بعث أو هل هناك جنة ونار أو لا؟ فهذا يكفر بشكه ولو كان يصوم ويصلي ويعمل الواجبات، فإذا لم يكن جازمًا في إيمانه فكان لديه شك وتردد بصحة ما جاءت به الرسل صار مرتدًّا عن الإسلام، ونحن لنا ما يظهر من الناس وأمّا ما في القلوب من اليقين والشك فهذا لا يعلمه إلا الله - سبحانه وتعالى.

             نواقض الإسلام :

قد ذكر أهل العلم نواقض للإسلام؛ أي: مُفسِداتٍ، مَنْ فَعَلَها خَرَج من دائرة الإسلام إلى الكفر، نسأل الله السلامة والعافية، أذكرُها للعِلْم بها؛ والحَذَر منها.

الناقِض الأول:


الشِّرك في عبادة الله، وهو أعظم ذنبٍ عُصِيَ الله به؛ قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً بَعِيدًا} [النساء: 116].

وقال تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [المائدة: 72].

وقال لقمان في وصيَّته لابنه: {يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13].

وله صورٌ؛ منها: أن يصرفَ العبدُ شيئًا منَ العبادة لغير الله؛ مثل: النَّذْر أو الذَّبْح، أو غير ذلك.

الناقِض الثاني:


مَنْ جَعَلَ بينه وبين الله وسائطَ؛ يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكَّل عليهم؛ فقد كفر إجماعًا؛ قال تعالى: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: 3]، وقال تعالى: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} [يونس: 106].

الناقِض الثالث:


من لم يُكَفِّر المشركين أو شَكَّ في كُفرهم، أو صحَّح مذهبهم؛ لأن الله - عزَّ وجلَّ - كفَّرهم في آياتٍ كثيرة، وَأَمَرَ بعداوتهم؛ لافترائهم الكذبَ عليه، ولا يُحْكَم بإسلام المرء حتى يكفِّر المشركين، فإن توقَّف في ذلك أو شكَّ في كفرهم مع تبيُّنه؛ فهو مثلهم.

أما مَنْ صحَّح مذهبهم، واستحسن ما هم عليه من الكفر؛ فهو كافرٌ بإجماع المسلمين؛ لأن الإسلام هو الاستسلام لله بالتَّوحيد، والانقياد له بالطَّاعة، والبراءة من الشِّرك وأهله، وهذا والى أهلَ الشِّرك، فضلاً عن أن يكفِّرهم؛ قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 256].

الناقِض الرابع:


مَنِ اعتقد أنَّ غير هدْيِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أكْمَلُ مِن هدْيِه، أو أنَّ حُكْمَ غيرِه أحسنُ من حُكْمِه، كالذي يفضِّل حكمَ الطواغيت على حُكْمِه، وتمثيل ذلك بالذين يقولون: إنَّ إنفاذَ حُكْم الله في رجم الزَّاني المحصَن، أو قطع يد السَّارق لا يناسب هذا العصر الحاضر؛ لأنَّ زماننا قد تغيَّر عن زمن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أو أن غيره من الأحكام مثله أو أفضل منه؛ قال - تعالى -: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65].

قال ابن القيم - رحمه الله -:

وَاللهِ مَا خَوْفِي الذُّنُوبَ فَإِنَّهَا  ***
      لَعَلَى سَبِيلِ العَفْوِ والغُفْرَانِ
لَكِنَّمَا أَخْشَى انْسِلاخَ القَلْبِ عَنْ ***    تَحْكِيمِ هَذَا الوَحْيِ والقُرْآنِ
ورِضًا بِآرَاءِ الرِّجَالِ وَخَرْصِهَا ***    لاَ كَانَ ذَاكَ بِمِنَّةِ المَنَّانِ

ومن ذلك: أصحاب القوانين الوضعيَّة، الذين جعلوها شرعًا ومنهاجًا يسيرون عليه، ويلزمون الناس به؛ قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50]، وقال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44].

الناقِض الخامس:


"مَن أبغض شيئًا مما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولو عمل به كَفَرَ"، وهذا باتِّفاق العلماء، وقد نال المنافقون النَّصيب الأكبر من هذه الخَصْلة، وهم يعملون ببعض شرائع الإسلام الظاهرة؛ ولكنهم في الخفاء يُضمِرون البُغض والكراهية لشريعة الإسلام وأهلها، ويتربَّصون بهم الدَّوائر؛ قال تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1]، وقال تعالى: {وَإِذَا جَاؤُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ} [المائدة: 61]، وقال تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [البقرة: 14].

وقد حَكَمَ الله على مَنْ كره شيئًا مما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالكفر والضَّلال، وأنَّ أعمالهم باطلةٌ مردودةٌ؛ قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: 8، 9].


فكلُّ مَنْ كره ما أنزل الله فعمله حابِطٌ، وإن عمل بما كره؛ قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: 28].


الناقِض السادس:


مَنِ استهزأ بشيءٍ من دين الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو ثوابه أو عقابه كَفَر؛ والدليل قوله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65، 66]؛ فالاستهزاء بشيءٍ مما جاء به الرسول كفْرٌ بإجماع المسلمين، ولوْ لم يقصد حقيقة الاستهزاء، كما لو هزل مازحًا.

وقد ذكر الله تعالى حال هؤلاء المستهزئين الساخرين بأشرِّ ما ذكر به قومًا؛ قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ} [المطففين: 29، 30]، وقال تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [التوبة: 79]، وقد نَهَى الله - تعالى - عن مُجَالَسة هؤلاء المستهزئين، وأنَّ مَنْ جلس معهم فهو مثلهم؛ قال تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} [النساء: 140].


الناقِض السابع:


السِّحر، ومنه الصَّرْف والعَطْف، فمَن فعله أو رضي به كَفَر؛ قال تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102].

أما الصَّرْف: فهو صَرْف الرجل عمَّا يهواه؛ كصَرْفه مثلاً عن محبِّة زوجِه إلى بغضها، والعَطْف: عمل سحريٌ كالصرف، ولكنه عَطْفُ الرجل عمَّا لا يهواه إلى محبَّته، والسِّحر محرَّمٌ بجميع طُرُقه، وفي جميع الشرائع.


الناقِض الثامن:


مُظاهرة المشركين، ومعاونتهم على المسلمين، والدَّليل على ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51].


الناقِض التاسع:


مَنِ اعتَقَدَ أنَّ بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كما وسع الخضر الخُرُوج عن شريعة موسى - عليه السلام - فهو كافرٌ؛ لأنه مُكَذِّبٌ لقَوْل الله - تعالى -: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153].


فمن رغب الخروج عن شريعة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أو ظَنَّ الاستغناء عنها؛ فقد خَلَعَ رِبقة الإسْلام من عُنُقِه، وعيسى - عليه السلام - عندما ينزل في آخِر الزمان لا يأتي بشرعٍ جديد؛ بل يكون متَّبعًا لشريعة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فشريعته - عليه الصلاة والسلام - باقيةٌ إلى يوم القيامة، وعامَّةٌ لجميع الناس؛ ولا يَسَعُ أحدًا الخروج عنها؛ قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 185].

الناقِض العاشر:
الإعراض عن دين الله، لا يتعلَّمه، ولا يعمل به؛ قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} [السجدة: 22].

والمراد بالإعراض: هو الإعراض عن تعلُّم أصل الدِّين، الذي يكون به المرء مُسلِمًا.

قال ابن القيِّم - رحمه الله -: "وأما الكفر الأكبر فخمسةُ أنواع"، ذكرها، ثم قال: "وأمَّا كفرُ الإعراض: فأن يُعْرِض بسمعه وقلبه عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يصدِّقه ولا يكذِّبه، ولا يواليه ولا يعاديه، ولا يُصغي إلى ما جاء به ألبتة". ا هـ.

و نص كثير من أهل العلم بقولهم : " و لا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجادِّ والخائف؛ إلا المُكْرَه؛ قال تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}، وكلُّها من أعظم ما يكون خطرًا، وأكثر ما يكون وقوعًا؛ فينبغي للمسلم أن يَحْذَرَها، ويخاف منها على نفسه. نعوذ بالله من موجِبات غضبه، وأليم عقابه". ا هـ.

والحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.




هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليكم .....

    هذا درس هام جدا جدا ، أرجو من كل مسلم أن يستفيد منه.

    ردحذف