Translate

2014-07-12

حكم من أكل أو شرب ناسيا .




عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من نسي - وهو صائم - فأكل أو شرب فليتمّ صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه . رواه البخاري و مسلم .
فيه مسائل :
1 = في رواية للبخاري : من أكل ناسيا وهو صائم ، فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه
وفي رواية له : إذا نسي فأكل وشرب ، فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه .
2 = هذا من فضل الله ومِنّتِه وكرمِه أن عفا لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان .
كما في قوله تعالى : ( لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) قال : نعم ( رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ) قال : نعم ( رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ ) قال : نعم . ( وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) قال : نعم . وفي رواية قال الله تبارك وتعالى : قد فعلت . رواه مسلم .

وكما في قوله – عليه الصلاة والسلام – : إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ، ما لم يتكلموا ، أو يعملوا به . متفق عليه .
وقوله : إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه . رواه ابن ماجه .
3 = لماذا خصّ الأكل والشرب دون غيرهما ؟ وهل تلحق به بقية المًفطِّرات ؟
لأن الغالب في المفطّرات هو الأكل والشرب ، بخلاف الجماع فإن الرجل إذا نسي ذكرته زوجته .


4 = هل يُنكر على مَن أكل أو شرب ناسياً ؟ وهل يُذكّـر ؟
نعم يُنكر عليه ، ويُذكّر بأنه صائم ؛ لأن هذا من التعاون على البر والتقوى ، والصائم وإن كان معذوراً لنسيانه فالذي يراه ليس معذوراً ، فيُذكّره بأنه صائم .

5 = معنى أطعمه الله وسقاه .

أي أن الله تصدّق عليه فلما أكل وشرب ناسياً عفا الله عنه .

أما حكم الأكل و الشرب :

فقد ذهب الأئمَّةُ أبو حنيفةَ والشافعيُّ وأَحْمَدُ إلى أنَّ الصَّائِمَ إذا أكلَ أَوْ شَرِبَ ناسيًا لم يفسد صومه وَلا شَيْءَ عَلَيْهِ، سواءٌ قَلَّ الأكلُ والشربُ أو كَثُرَ.

وَمِمَّنْ ذَهَبَ إلى هذا الرَّأْيِ: الحسنُ البصري ومجاهدٌ وإسحاقُ بن راهُويه وأبو ثور وداودُ بنُ علِيّ وعطاءٌ والأوزاعيُّ والليثُ.

وَقَالَ ربيعةُ و مالكٌ: يَفْسُدُ صَوْمُ الآكِل والشارِب النَّاسي، وعَلَيْهِ القضاء.

والصحيحُ القَوْلُ الأوَّلُ، وَهُوَ ما تَدُلُّ عَلَيْهِ نُصُوصٌ كثيرةٌ منها حديث الباب و هو قوله :
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن أكل ناسيًا وهو صائمٌ فليُتمَّ صومَه، فإِنما أطعمه الله وسقاه" . ولَفْظُ مُسلم هو: "مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فليُتِمَّ صومَه، فَإِنَّما أَطْعَمَهُ الله وَسَقَاهُ".

وَحَمَلَ المالكيَّةُ الحديثَ على صيام النفل، وفيه نظر؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: (صائم) نكرةٌ في سياق الشرط فَتَعُمّ كُلَّ صيام، وأيضًا فإنَّ الحديثَ في رواية عند ابن حِبَّان وابن خُزيمة والطبراني في الأوسط والدارَقُطني والبيهقيّ والحاكم قدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ صيامُ رَمَضَانَ، قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَفْطَرَ في شهر رمضان ناسيًا فلا قضاءَ عَلَيْهِ ولا كفارة". و هو حديث حسن .

وقال صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ الله وَضَعَ عن أُمَّتِي الخَطَأَ والنِّسيانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ" (رواه ابن ماجه والبيهقيُّ) وغيرُهما عنِ ابْنِ عبَّاسٍ.

فهذه النصوص تَدُلُّ دَلالةً واضحةً على أَنَّ مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ ناسيًا، فلا قضاء عليه ولا كفارة، وصومُه صحيحٌ، سواءٌ كان فرضًا كَصَوْمِ رمضان، أَوْ كان تطوُّعًا، وهو الموافِقُ لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 5] وقوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] وقد ثَبَتَ في الصحيح أنَّ الله أجاب هذا الدعاء .
و الله المسؤول أن يفتح علينا و أن يغفر لنا ذنوبنا و يكفر عنا سيئاتنا ، و يتوب علينا توبة نصوحا ، و الله المستعان لا رب سواه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق