بسم الله الرحمن الرحيم :
الدرس الأول: من سلسلة دروس علوم القرآن .
مقدمة :
القرآنُ الكريمُ هو معجزةُ الإسلام الخالدة التي لا يزيدها التقدم العلمي إلا رسوخًا في الإعجاز ، أنزله الله على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ليُخرج الناس من الظلمات إلى النور ، و يهديهم إلى الصراط المستقيم ، فكان صلوات الله و سلامه عليه يبلغه لصحابته – و هم عرب خُلَّصٌ- فيفهمونه بسليقتهم ، و إذا التبس عليهم فهم آية من الآيات سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها.
رَوَى الشيخان و غيرهما عن ابن مسعود قال : " لما نزلت هذه الآية: [ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ] ، شقَّ ذلك على الناس ، فقالوا : يا رسول الله ، و أيُّنا لا يظلم نفسه ؟ قال : " إنَّه ليس الذي تعنون ، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح : [ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ] ، إنَّما هو الشرك " .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُفَسِّرُ لهم بعض الآيات.
أخرج مسلم و غيره عن عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول و هو على المنبر: [ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ] ، " ألا إن القوة الرمي " .
و حرص الصحابة على تلقي القرآن الكريم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحفظه وفهمه، وكان ذلك شرفًا لهم.
عن أنس رضي الله عنه قال: "كان الرجل منا إذا قرأ البقرة و آل عمران جَدَّ فينا" أي عَظُم.
وحرصوا كذلك رضي الله عنهم على العمل به و الوقوف عند أحكامه.
رُوِيَ عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قال : " حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن ، كعثمان بن عفان و عبد الله بن مسعود و غيرهما ، أنهم كانوا إذا تعلَّموا من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم و العمل ، قالوا: فتعلمنا القرآن و العلم و العمل جميعًا ".
ولم يأذن لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في كتابة شيء عنه سوى القرآن خشية أن يلتبس القرآن بغيره.
رَوَى مسلم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تكتبوا عني ، و مَن كتب عني غير القرآن فليمحه ، و حدِّثوا عني و لا حَرَج، ومَن كَذَبَ عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" .
و لئن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أذن لبعض صحابته بعد ذلك في كتابة الحديث فإن ما يتصل بالقرآن ظل يعتمد على الرواية بالتلقين في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- و في خلافة أبي بكر و عمر رضي الله عنهما.
جاءت خلافة عثمان ، رضي الله عنه ، و اقتضت الدواعي - التي سنذكرها فيما بعد - إلى جمع المسلمين على مصحف واحد ، فتم ذلك ، و سُمِّيَ بالمصحف الإمام، و أُرْسلت نسخ منه إلى الأمصار ، و سُمِّيَتْ كتابته بالرسم العثماني ، نسبة إليه ، ويُعتبر هذا بداية " لعلم رسم القرآن ".
ثم كانت خلافة عليٍّ -رضي الله عنه- فوضع أبو الأسود الدؤلي بأمر منه قواعد النحو ، صيانة لسلامة النطق ، و ضبطًا للقرآن الكريم ، و يُعتبر هذا كذلك بداية لـ"علم إعراب القرآن".
استمر الصحابة يتناقلون معاني القرآن وتفسير بعض آياته على تفاوت فيما بينهم ، لتفاوت قدرتهم على الفهم ، و تفاوت ملازمتهم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- و تناقل عنهم ذلك تلاميذهم من التابعين.
أما التابعون ، فاشتهر منهم جماعة ، أخذوا عن الصحابة ، و اجتهدوا في تفسير بعض الآيات.
فاشتهر من تلاميذ ابن عباس بمكة: سعيد بن جبير، و مجاهد ، وعِكرمة مولى ابن عباس، و طاوس بن كيسان اليماني، و عطاء بن أبي رباح.
واشتهر من تلاميذ أُبَيِّ بن كعب بالمدينة : زيد بن أسلم ، و أبو العالية ، و محمد بن كعب القرظي.
و اشتهر من تلاميذ عبد الله بن مسعود بالعراق : علقمة بن قيس ، و مسروق ، و الأسود بن يزيد ، و عامر الشعبي ، و الحسن البصري ، و قتادة بن دعامة السدوسي.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "و أما التفسير، فأعلم الناس به أهل مكة ، لأنهم أصحاب ابن عباس ، كمجاهد ، و عطاء بن أبي رباح ، و عِكرمة مولى ابن عباس ، و غيرهم من أصحاب ابن عباس ، كطاوس ، و أبي الشعثاء ، و سعيد بن جبير و أمثالهم ، وكذلك أهل الكوفة من أصحاب ابن مسعود، ومن ذلك ما تميزوا به عن غيرهم ، و علماء أهل المدينة في التفسير، مثل: زيد بن أسلم الذي أخذ عنه مالك التفسير ، و أخذ عنه أيضًا ابنه عبد الرحمن ، و عبد الله بن وهب" .
و الذي رُوِيَ عن هؤلاء جميعًا يتناول: علم التفسير، و علم غريب القرآن ، و علم أسباب النزول ، و علم المكي و المدني ، و علم الناسخ والمنسوخ ، و لكن هذا كله ظل معتمدًا على الرواية بالتلقين.
جاء عصر التدوين في القرن الثاني ، و بدأ تدوين الحديث بأبوابه المتنوعة ، و شمل ذلك ما يتعلق بالتفسير، و جمع بعض العلماء ما رُوِيَ من تفسير للقرآن الكريم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو عن الصحابة رضي الله عنهم ، أو عن التابعين.
و اشتهر منهم: يزيد بن هارون السُلَمِي المُتوفَى سنة 117 هجرية ، و شُعْبَة بن الحَجّاج المتوفى سنة 160 هجرية، و وكيع بن الجرّاح المتوفى سنة 197 هجرية ، و سفيان بن عُيينة المتوفى سنة 198 هجرية ، و عبد الرزّاق بن هَمَّام المتوفى سنة 211 هجرية.
و هؤلاء جميعًا كانوا من أئمة الحديث ، فكان جمعهم للتفسير جمعًا لباب من أبوابه ، و لم يصلنا من تفاسيرهم شيء مكتوب سوى مخطوطة تفسير عبد الرزاق بن همام.
ثم نهج نهجهم بعد ذلك جماعة من العلماء وضعوا تفسيرًا متكاملًا للقرآن وفق ترتيب آياته ، و اشتهر منهم ابن جرير الطبري المتوفى سنة 310 هجرية.
و هكذا بدأ التفسير أولًا بالنقل عن طريق التلقي و الرواية ، ثم كان تدوينه على أنه باب من أبواب الحديث، ثم دُوِّنَ على استقلال و انفراد ، و تتابع التفسير بالمأثور ، ثم التفسير بالرأي.
و بإزاء علم التفسير كان التأليف الموضوعي في موضوعات تتصل بالقرآن و لا يستغني المفسر عنها.
فألَّف عليُّ بن المديني شيخ البخاري المتوفى سنة 234 هجرية في أسباب النزول.
و ألَّف أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة 224 هجرية في الناسخ والمنسوخ ، و في القراءات.
و ألَّف ابن قتيبة المتوفى سنة 276 هجرية في مُشْكَل القرآن.
و هؤلاء من علماء القرن الثالث الهجري.
و ألَّف محمد بن خلف المرزبان المتوفى سنة 309 هجرية " الحاوي في علوم القرآن ".
و ألَّف أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري المتوفى سنة 328 هجرية في علوم القرآن.
و ألَّف أبو بكر السجستاني المتوفى سنة 330 هجرية في غريب القرآن.
و ألَّف محمد بن عليٍّ الأدفوي المتوفى سنة 388 هجرية "الاستغناء في علوم القرآن".
و هؤلاء من علماء القرن الرابع الهجري.
ثم تتابع التأليف بعد ذلك.
فألَّف أبو بكر الباقلاني المتوفى سنة 403 هجرية في إعجاز القرآن. و عليُّ بن إبراهيم بن سعيد الحوفي المتوفى سنة 430 هجرية في إعراب القرآن.
و الماوردي المتوفى سنة 450 هجرية في أمثال القرآن.
و العز بن عبد السلام المتوفى سنة 660 هجرية في مجاز القرآن.
و علم الدين السخاوي المتوفى سنة 643 هجرية في علم القراءات.
و ابن القيم المتوفى سنة 751 هجرية في "أقسام القرآن".
و هذه المؤلَّفات يتناول كل مؤلف منها نوعًا من أنواع علوم القرآن و بحثًا من مباحثه المتصلة به.
أما جمع هذه المباحث و تلك الأنواع -كلها أو جلها- في مؤلف واحد فقد ألفت كتب كثيرة بهذا الخصوص ، منها على سبيل المثال :
كتاب "فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن"، لابن الجوزي.
ثم جاء بدر الدين الزركشي المتوفى سنة 794 هجرية و ألف كتابًا وافيًا سماه "البرهان في علوم القرآن".
ثم أضاف إليه بعض الزيادات جلال الدين البلقيني المتوفى سنة 824 هجرية في كتابه "مواقع العلوم من مواقع النجوم".
ثم ألف جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911 هجرية كتابه المشهور " الإتقان في علوم القرآن ".
تنبيه :
هذه المباحث المذكورة جميعها هي التي تعرف بعلوم القرآن ، حتى صارت علما على العلم المعروف بهذا الإسم .
و حظيت كتب علوم القرآن بنصيب وافر من حيث التأليف و الكتابة فيها في عصرنا الحاضر ، و هذا من فضل الله على المسلمين شرقا و غربا ، و الله الموفق لا رب سواه .
و إلى الدرس الثاني إن شاء الله تعالى .
الدرس الأول: من سلسلة دروس علوم القرآن .
مقدمة :
القرآنُ الكريمُ هو معجزةُ الإسلام الخالدة التي لا يزيدها التقدم العلمي إلا رسوخًا في الإعجاز ، أنزله الله على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ليُخرج الناس من الظلمات إلى النور ، و يهديهم إلى الصراط المستقيم ، فكان صلوات الله و سلامه عليه يبلغه لصحابته – و هم عرب خُلَّصٌ- فيفهمونه بسليقتهم ، و إذا التبس عليهم فهم آية من الآيات سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها.
رَوَى الشيخان و غيرهما عن ابن مسعود قال : " لما نزلت هذه الآية: [ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ] ، شقَّ ذلك على الناس ، فقالوا : يا رسول الله ، و أيُّنا لا يظلم نفسه ؟ قال : " إنَّه ليس الذي تعنون ، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح : [ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ] ، إنَّما هو الشرك " .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُفَسِّرُ لهم بعض الآيات.
أخرج مسلم و غيره عن عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول و هو على المنبر: [ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ] ، " ألا إن القوة الرمي " .
و حرص الصحابة على تلقي القرآن الكريم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحفظه وفهمه، وكان ذلك شرفًا لهم.
عن أنس رضي الله عنه قال: "كان الرجل منا إذا قرأ البقرة و آل عمران جَدَّ فينا" أي عَظُم.
وحرصوا كذلك رضي الله عنهم على العمل به و الوقوف عند أحكامه.
رُوِيَ عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قال : " حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن ، كعثمان بن عفان و عبد الله بن مسعود و غيرهما ، أنهم كانوا إذا تعلَّموا من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم و العمل ، قالوا: فتعلمنا القرآن و العلم و العمل جميعًا ".
ولم يأذن لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في كتابة شيء عنه سوى القرآن خشية أن يلتبس القرآن بغيره.
رَوَى مسلم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تكتبوا عني ، و مَن كتب عني غير القرآن فليمحه ، و حدِّثوا عني و لا حَرَج، ومَن كَذَبَ عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" .
و لئن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أذن لبعض صحابته بعد ذلك في كتابة الحديث فإن ما يتصل بالقرآن ظل يعتمد على الرواية بالتلقين في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- و في خلافة أبي بكر و عمر رضي الله عنهما.
جاءت خلافة عثمان ، رضي الله عنه ، و اقتضت الدواعي - التي سنذكرها فيما بعد - إلى جمع المسلمين على مصحف واحد ، فتم ذلك ، و سُمِّيَ بالمصحف الإمام، و أُرْسلت نسخ منه إلى الأمصار ، و سُمِّيَتْ كتابته بالرسم العثماني ، نسبة إليه ، ويُعتبر هذا بداية " لعلم رسم القرآن ".
ثم كانت خلافة عليٍّ -رضي الله عنه- فوضع أبو الأسود الدؤلي بأمر منه قواعد النحو ، صيانة لسلامة النطق ، و ضبطًا للقرآن الكريم ، و يُعتبر هذا كذلك بداية لـ"علم إعراب القرآن".
استمر الصحابة يتناقلون معاني القرآن وتفسير بعض آياته على تفاوت فيما بينهم ، لتفاوت قدرتهم على الفهم ، و تفاوت ملازمتهم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- و تناقل عنهم ذلك تلاميذهم من التابعين.
و من أشهر المفسرين من الصحابة: الخلفاء الأربعة ، و ابن مسعود ، وابن عباس، وأُبَيُّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله بن الزبير.
و قد كثرت الرواية في التفسير عن : عبد الله بن عباس ، و عبد الله بن مسعود، وأُبَيِّ بن كعب، و ما رُوِيَ عنهم لا يتضمن تفسيرًا كاملًا للقرآن، و إنما يقتصر على معاني بعض الآيات ، بتفسير غامضها ، و توضيح مجملها.
و قد كثرت الرواية في التفسير عن : عبد الله بن عباس ، و عبد الله بن مسعود، وأُبَيِّ بن كعب، و ما رُوِيَ عنهم لا يتضمن تفسيرًا كاملًا للقرآن، و إنما يقتصر على معاني بعض الآيات ، بتفسير غامضها ، و توضيح مجملها.
أما التابعون ، فاشتهر منهم جماعة ، أخذوا عن الصحابة ، و اجتهدوا في تفسير بعض الآيات.
فاشتهر من تلاميذ ابن عباس بمكة: سعيد بن جبير، و مجاهد ، وعِكرمة مولى ابن عباس، و طاوس بن كيسان اليماني، و عطاء بن أبي رباح.
واشتهر من تلاميذ أُبَيِّ بن كعب بالمدينة : زيد بن أسلم ، و أبو العالية ، و محمد بن كعب القرظي.
و اشتهر من تلاميذ عبد الله بن مسعود بالعراق : علقمة بن قيس ، و مسروق ، و الأسود بن يزيد ، و عامر الشعبي ، و الحسن البصري ، و قتادة بن دعامة السدوسي.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "و أما التفسير، فأعلم الناس به أهل مكة ، لأنهم أصحاب ابن عباس ، كمجاهد ، و عطاء بن أبي رباح ، و عِكرمة مولى ابن عباس ، و غيرهم من أصحاب ابن عباس ، كطاوس ، و أبي الشعثاء ، و سعيد بن جبير و أمثالهم ، وكذلك أهل الكوفة من أصحاب ابن مسعود، ومن ذلك ما تميزوا به عن غيرهم ، و علماء أهل المدينة في التفسير، مثل: زيد بن أسلم الذي أخذ عنه مالك التفسير ، و أخذ عنه أيضًا ابنه عبد الرحمن ، و عبد الله بن وهب" .
و الذي رُوِيَ عن هؤلاء جميعًا يتناول: علم التفسير، و علم غريب القرآن ، و علم أسباب النزول ، و علم المكي و المدني ، و علم الناسخ والمنسوخ ، و لكن هذا كله ظل معتمدًا على الرواية بالتلقين.
جاء عصر التدوين في القرن الثاني ، و بدأ تدوين الحديث بأبوابه المتنوعة ، و شمل ذلك ما يتعلق بالتفسير، و جمع بعض العلماء ما رُوِيَ من تفسير للقرآن الكريم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو عن الصحابة رضي الله عنهم ، أو عن التابعين.
و اشتهر منهم: يزيد بن هارون السُلَمِي المُتوفَى سنة 117 هجرية ، و شُعْبَة بن الحَجّاج المتوفى سنة 160 هجرية، و وكيع بن الجرّاح المتوفى سنة 197 هجرية ، و سفيان بن عُيينة المتوفى سنة 198 هجرية ، و عبد الرزّاق بن هَمَّام المتوفى سنة 211 هجرية.
و هؤلاء جميعًا كانوا من أئمة الحديث ، فكان جمعهم للتفسير جمعًا لباب من أبوابه ، و لم يصلنا من تفاسيرهم شيء مكتوب سوى مخطوطة تفسير عبد الرزاق بن همام.
ثم نهج نهجهم بعد ذلك جماعة من العلماء وضعوا تفسيرًا متكاملًا للقرآن وفق ترتيب آياته ، و اشتهر منهم ابن جرير الطبري المتوفى سنة 310 هجرية.
و هكذا بدأ التفسير أولًا بالنقل عن طريق التلقي و الرواية ، ثم كان تدوينه على أنه باب من أبواب الحديث، ثم دُوِّنَ على استقلال و انفراد ، و تتابع التفسير بالمأثور ، ثم التفسير بالرأي.
و بإزاء علم التفسير كان التأليف الموضوعي في موضوعات تتصل بالقرآن و لا يستغني المفسر عنها.
فألَّف عليُّ بن المديني شيخ البخاري المتوفى سنة 234 هجرية في أسباب النزول.
و ألَّف أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة 224 هجرية في الناسخ والمنسوخ ، و في القراءات.
و ألَّف ابن قتيبة المتوفى سنة 276 هجرية في مُشْكَل القرآن.
و هؤلاء من علماء القرن الثالث الهجري.
و ألَّف محمد بن خلف المرزبان المتوفى سنة 309 هجرية " الحاوي في علوم القرآن ".
و ألَّف أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري المتوفى سنة 328 هجرية في علوم القرآن.
و ألَّف أبو بكر السجستاني المتوفى سنة 330 هجرية في غريب القرآن.
و ألَّف محمد بن عليٍّ الأدفوي المتوفى سنة 388 هجرية "الاستغناء في علوم القرآن".
و هؤلاء من علماء القرن الرابع الهجري.
ثم تتابع التأليف بعد ذلك.
فألَّف أبو بكر الباقلاني المتوفى سنة 403 هجرية في إعجاز القرآن. و عليُّ بن إبراهيم بن سعيد الحوفي المتوفى سنة 430 هجرية في إعراب القرآن.
و الماوردي المتوفى سنة 450 هجرية في أمثال القرآن.
و العز بن عبد السلام المتوفى سنة 660 هجرية في مجاز القرآن.
و علم الدين السخاوي المتوفى سنة 643 هجرية في علم القراءات.
و ابن القيم المتوفى سنة 751 هجرية في "أقسام القرآن".
و هذه المؤلَّفات يتناول كل مؤلف منها نوعًا من أنواع علوم القرآن و بحثًا من مباحثه المتصلة به.
أما جمع هذه المباحث و تلك الأنواع -كلها أو جلها- في مؤلف واحد فقد ألفت كتب كثيرة بهذا الخصوص ، منها على سبيل المثال :
كتاب "فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن"، لابن الجوزي.
ثم جاء بدر الدين الزركشي المتوفى سنة 794 هجرية و ألف كتابًا وافيًا سماه "البرهان في علوم القرآن".
ثم أضاف إليه بعض الزيادات جلال الدين البلقيني المتوفى سنة 824 هجرية في كتابه "مواقع العلوم من مواقع النجوم".
ثم ألف جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911 هجرية كتابه المشهور " الإتقان في علوم القرآن ".
تنبيه :
هذه المباحث المذكورة جميعها هي التي تعرف بعلوم القرآن ، حتى صارت علما على العلم المعروف بهذا الإسم .
و حظيت كتب علوم القرآن بنصيب وافر من حيث التأليف و الكتابة فيها في عصرنا الحاضر ، و هذا من فضل الله على المسلمين شرقا و غربا ، و الله الموفق لا رب سواه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق