بسم الله الرحمن الرحيم :
قال الله تعالى :
إذ يغشّيكم النعاس أمنة منه، وينزّل عليكم من السماء ماء ليطهركم به، ويذهب عنكم رجز الشيطان، وليربط على قلوبكم ويثبّت به الأقدام ..
أما قصة النعاس الذي غشي المسلمين قبل المعركة فهي قصة حالة نفسية عجيبة، لا تكون إلا بأمر الله وقدره وتدبيره.. لقد فزع المسلمون وهم يرون أنفسهم قلة في مواجهة خطر لم يحسبوا حسابه ولم يتخذوا له عدته.. فإذا النعاس يغشاهم، ثم يصحون منه والسكينة تغمر نفوسهم والطمأنينة تفيض على قلوبهم (وهكذا كان يوم أحد.. تكرر الفزع، وتكرر النعاس، وتكررت الطمأنينة) .. ولقد كنت أمر على هذه الآيات، وأقرأ أخبار هذا النعاس، فأدركه كحادث وقع، يعلم الله سره، ويحكي لنا خبره.. ثم إذا بي أقع في شدة، وتمر علي لحظات من الضيق المكتوم، والتوجس القلق، في ساعة غروب.. ثم تدركني سنة من النوم لا تتعدى بضع دقائق.. وأصحو إنسانا جديدا غير الذي كان.. ساكن النفس. مطمئن القلب. مستغرقا في الطمأنينة الواثقة العميقة.. كيف تم هذا؟ كيف وقع هذا التحول المفاجئ؟ لست أدري! ولكني بعدها أدرك قصة بدر وأحد. أدركها في هذه المرة بكياني كله لا بعقلي. وأستشعرها حية في حسي لا مجرد تصور. وأرى فيها يد الله وهي تعمل عملها الخفي المباشر.. ويطمئن قلبي..
لقد كانت هذه الغشية، وهذه الطمأنينة، مددا من أمداد الله للعصبة المسلمة يوم بدر:
إذ يغشّيكم النعاس أمنة منه ..
ولفظ " يغشيكم " ولفظ " النعاس " ولفظ " أمنة " .. كلها تشترك في إلقاء ظل لطيف شفيف وترسم الظل العام للمشهد، وتصور حال المؤمنين يومذاك، وتجلي قيمة هذه اللحظة النفسية الفاصلة بين حال للمسلمين وحال.
وأما قصة الماء:
وينزّل عليكم من السماء ماء ليطهركم به، ويذهب عنكم رجز الشيطان، وليربط على قلوبكم، ويثبت به الأقدام ..
فهي قصة مدد آخر من أمداد الله للعصبة المسلمة، قبيل المعركة.
عن ابن عباس قال: نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - حين سار إلى بدر والمشركون بينهم وبين الماء رملة وعصة، وأصاب المسلمين ضعف شديد، وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ يوسوس بينهم: تزعمون أنكم أولياء الله تعالى وفيكم رسوله، وقد غلبكم المشركون على الماء، وأنتم تصلون مجنبين؟ فأمطر الله عليهم مطرا شديدا، فشرب المسلمون وتطهروا، وأذهب الله عنهم رجز الشيطان، وثبت الرمل حين أصابه المطر، ومشى الناس عليه والدواب، فساروا إلى القوم، وأمد الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - بألف من الملائكة، فكان جبريل في خمسمائة مجنبة ، وميكائيل في خمسمائة مجنبة " ..
قال الله تعالى :
إذ يغشّيكم النعاس أمنة منه، وينزّل عليكم من السماء ماء ليطهركم به، ويذهب عنكم رجز الشيطان، وليربط على قلوبكم ويثبّت به الأقدام ..
أما قصة النعاس الذي غشي المسلمين قبل المعركة فهي قصة حالة نفسية عجيبة، لا تكون إلا بأمر الله وقدره وتدبيره.. لقد فزع المسلمون وهم يرون أنفسهم قلة في مواجهة خطر لم يحسبوا حسابه ولم يتخذوا له عدته.. فإذا النعاس يغشاهم، ثم يصحون منه والسكينة تغمر نفوسهم والطمأنينة تفيض على قلوبهم (وهكذا كان يوم أحد.. تكرر الفزع، وتكرر النعاس، وتكررت الطمأنينة) .. ولقد كنت أمر على هذه الآيات، وأقرأ أخبار هذا النعاس، فأدركه كحادث وقع، يعلم الله سره، ويحكي لنا خبره.. ثم إذا بي أقع في شدة، وتمر علي لحظات من الضيق المكتوم، والتوجس القلق، في ساعة غروب.. ثم تدركني سنة من النوم لا تتعدى بضع دقائق.. وأصحو إنسانا جديدا غير الذي كان.. ساكن النفس. مطمئن القلب. مستغرقا في الطمأنينة الواثقة العميقة.. كيف تم هذا؟ كيف وقع هذا التحول المفاجئ؟ لست أدري! ولكني بعدها أدرك قصة بدر وأحد. أدركها في هذه المرة بكياني كله لا بعقلي. وأستشعرها حية في حسي لا مجرد تصور. وأرى فيها يد الله وهي تعمل عملها الخفي المباشر.. ويطمئن قلبي..
لقد كانت هذه الغشية، وهذه الطمأنينة، مددا من أمداد الله للعصبة المسلمة يوم بدر:
إذ يغشّيكم النعاس أمنة منه ..
ولفظ " يغشيكم " ولفظ " النعاس " ولفظ " أمنة " .. كلها تشترك في إلقاء ظل لطيف شفيف وترسم الظل العام للمشهد، وتصور حال المؤمنين يومذاك، وتجلي قيمة هذه اللحظة النفسية الفاصلة بين حال للمسلمين وحال.
وأما قصة الماء:
وينزّل عليكم من السماء ماء ليطهركم به، ويذهب عنكم رجز الشيطان، وليربط على قلوبكم، ويثبت به الأقدام ..
فهي قصة مدد آخر من أمداد الله للعصبة المسلمة، قبيل المعركة.
عن ابن عباس قال: نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - حين سار إلى بدر والمشركون بينهم وبين الماء رملة وعصة، وأصاب المسلمين ضعف شديد، وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ يوسوس بينهم: تزعمون أنكم أولياء الله تعالى وفيكم رسوله، وقد غلبكم المشركون على الماء، وأنتم تصلون مجنبين؟ فأمطر الله عليهم مطرا شديدا، فشرب المسلمون وتطهروا، وأذهب الله عنهم رجز الشيطان، وثبت الرمل حين أصابه المطر، ومشى الناس عليه والدواب، فساروا إلى القوم، وأمد الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - بألف من الملائكة، فكان جبريل في خمسمائة مجنبة ، وميكائيل في خمسمائة مجنبة " ..
ولقد كان ذلك قبل أن ينفذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أشار به الحباب بن المنذر من النزول على ماء بدر، وتغوير ما وراءها من القلب.
" والمعروف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما صار إلى بدر نزل على أدنى ماء هناك أي أول ماء وجده - فتقدم إليه الحباب بن المنذر فقال: يا رسول الله، هذا المنزل الذي نزلته، منزل أنزلك الله إياه فليس لنا أن نجاوزه، أو منزل نزلته للحرب والمكيدة؟ فقال: " بل منزل نزلته للحرب والمكيدة " . فقال:
يا رسول الله، ليس بمنزل، ولكن سر بنا حتى ننزل على أدنى ماء يلي القوم ونغور ما وراءه من القلب ونسقي الحياض فيكون لنا ماء وليس لهم ماء. فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففعل ذلك " .
ففي هذه الليلة - وقبل إنفاذ مشورة الحباب بن المنذر - كانت هذه الحالة التي يذكر الله بها العصبة التي شهدت بدرا.. والمدد على هذا النحو مدد مزدوج: مادي وروحي. فالماء في الصحراء مادة الحياة، فضلا على أن يكون أداة النصر. والجيش الذي يفقد الماء في الصحراء يفقد أعصابه قبل أن يواجه المعركة.
ثم هذه الحالة النفسية التي صاحبت الموقف ووسوس بها الشيطان! حالة التحرج من أداء الصلاة على غير طهر لعدم وجود الماء (ولم يكن قد رخص لهم بعد في التيمم، فقد جاء هذا متأخرا في غزوة بني المصطلق في السنة الخامسة) . وهنا تثور الهواجس والوساوس، ويدخل الشيطان من باب الإيمان ليزيد حرج النفوس ووجل القلوب! والنفوس التي تدخل المعركة في مثل هذا الحرج وفي مثل هذا القلق تدخلها مزعزعة مهزومة من داخلها.. وهنا يجيء المدد وتجيء النجدة..
وينزّل عليكم من السماء ماء ليطهركم به، ويذهب عنكم رجز الشيطان، وليربط على قلوبكم، ويثبّت به الأقدام ..
ويتم المدد الروحي بالمدد المادي وتسكن القلوب بوجود الماء، وتطمئن الأرواح بالطهارة وتثبت الأقدام بثبات الأرض وتماسك الرمال.
ذلك إلى ما أوحى الله به إلى الملائكة من تثبيت الذين آمنوا وإلى ما وعد به من إلقاء الرعب في قلوب الذين كفروا وإلى ما أمر به الملائكة من الاشتراك الفعلي في المعركة:
إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم، فثبتوا الذين آمنوا، سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب، فاضربوا فوق الأعناق، واضربوا منهم كل بنان ..
إنه الأمر الهائل.. إنها معية الله سبحانه للملائكة في المعركة واشتراك الملائكة فيها مع العصبة المسلمة..
هذا هو الأمر الذي لا يجوز أن يشغلنا عنه أن نبحث: كيف اشتركت الملائكة؟ ولا كم قتيلا قتلت؟ ولا كيف قتلت؟ ... إن الحقيقة الكبيرة الهائلة في الموقف هي تلك الحقيقة.. إن حركة العصبة المسلمة في الأرض بهذا الدين أمر هائل عظيم.. أمر يستحق معية الله لملائكته في المعركة، واشتراك الملائكة فيها مع العصبة المسلمة! إننا نؤمن بوجود خلق من خلق الله اسمهم الملائكة ولكنا لا ندرك من طبيعتهم إلا ما أخبرنا به خالقهم عنهم. فلا نملك من إدراك الكيفية التي اشتركوا بها في نصر المسلمين يوم بدر إلا بمقدار ما يقرره النص القرآني.. وقد أوحى إليهم ربهم: أني معكم. وأمرهم أن يثبتوا الذين آمنوا، ففعلوا - لأنهم يفعلون ما يؤمرون - ولكننا لا ندري كيف فعلوا. وأمرهم أن يضربوا فوق أعناق المشركين وأن يضربوا منهم كل [الأنفال -12 ] بنان. ففعلوا كذلك بكيفية لا نعلمها، فهذا فرع عن طبيعة إدراكنا نحن لطبيعة الملائكة، ونحن لا نعلم عنها إلا ما علمنا الله.. ولقد وعد الله سبحانه أن يلقي الرعب في قلوب الذين كفروا. فكان ذلك، ووعده الحق، ولكنا كذلك لا نعلم كيف كان. فالله هو الذي خلق، وهو أعلم بمن خلق، وهو يحول بين المرء وقلبه وهو أقرب إليه من حبل الوريد..
" والمعروف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما صار إلى بدر نزل على أدنى ماء هناك أي أول ماء وجده - فتقدم إليه الحباب بن المنذر فقال: يا رسول الله، هذا المنزل الذي نزلته، منزل أنزلك الله إياه فليس لنا أن نجاوزه، أو منزل نزلته للحرب والمكيدة؟ فقال: " بل منزل نزلته للحرب والمكيدة " . فقال:
يا رسول الله، ليس بمنزل، ولكن سر بنا حتى ننزل على أدنى ماء يلي القوم ونغور ما وراءه من القلب ونسقي الحياض فيكون لنا ماء وليس لهم ماء. فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففعل ذلك " .
ففي هذه الليلة - وقبل إنفاذ مشورة الحباب بن المنذر - كانت هذه الحالة التي يذكر الله بها العصبة التي شهدت بدرا.. والمدد على هذا النحو مدد مزدوج: مادي وروحي. فالماء في الصحراء مادة الحياة، فضلا على أن يكون أداة النصر. والجيش الذي يفقد الماء في الصحراء يفقد أعصابه قبل أن يواجه المعركة.
ثم هذه الحالة النفسية التي صاحبت الموقف ووسوس بها الشيطان! حالة التحرج من أداء الصلاة على غير طهر لعدم وجود الماء (ولم يكن قد رخص لهم بعد في التيمم، فقد جاء هذا متأخرا في غزوة بني المصطلق في السنة الخامسة) . وهنا تثور الهواجس والوساوس، ويدخل الشيطان من باب الإيمان ليزيد حرج النفوس ووجل القلوب! والنفوس التي تدخل المعركة في مثل هذا الحرج وفي مثل هذا القلق تدخلها مزعزعة مهزومة من داخلها.. وهنا يجيء المدد وتجيء النجدة..
وينزّل عليكم من السماء ماء ليطهركم به، ويذهب عنكم رجز الشيطان، وليربط على قلوبكم، ويثبّت به الأقدام ..
ويتم المدد الروحي بالمدد المادي وتسكن القلوب بوجود الماء، وتطمئن الأرواح بالطهارة وتثبت الأقدام بثبات الأرض وتماسك الرمال.
ذلك إلى ما أوحى الله به إلى الملائكة من تثبيت الذين آمنوا وإلى ما وعد به من إلقاء الرعب في قلوب الذين كفروا وإلى ما أمر به الملائكة من الاشتراك الفعلي في المعركة:
إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم، فثبتوا الذين آمنوا، سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب، فاضربوا فوق الأعناق، واضربوا منهم كل بنان ..
إنه الأمر الهائل.. إنها معية الله سبحانه للملائكة في المعركة واشتراك الملائكة فيها مع العصبة المسلمة..
هذا هو الأمر الذي لا يجوز أن يشغلنا عنه أن نبحث: كيف اشتركت الملائكة؟ ولا كم قتيلا قتلت؟ ولا كيف قتلت؟ ... إن الحقيقة الكبيرة الهائلة في الموقف هي تلك الحقيقة.. إن حركة العصبة المسلمة في الأرض بهذا الدين أمر هائل عظيم.. أمر يستحق معية الله لملائكته في المعركة، واشتراك الملائكة فيها مع العصبة المسلمة! إننا نؤمن بوجود خلق من خلق الله اسمهم الملائكة ولكنا لا ندرك من طبيعتهم إلا ما أخبرنا به خالقهم عنهم. فلا نملك من إدراك الكيفية التي اشتركوا بها في نصر المسلمين يوم بدر إلا بمقدار ما يقرره النص القرآني.. وقد أوحى إليهم ربهم: أني معكم. وأمرهم أن يثبتوا الذين آمنوا، ففعلوا - لأنهم يفعلون ما يؤمرون - ولكننا لا ندري كيف فعلوا. وأمرهم أن يضربوا فوق أعناق المشركين وأن يضربوا منهم كل [الأنفال -12 ] بنان. ففعلوا كذلك بكيفية لا نعلمها، فهذا فرع عن طبيعة إدراكنا نحن لطبيعة الملائكة، ونحن لا نعلم عنها إلا ما علمنا الله.. ولقد وعد الله سبحانه أن يلقي الرعب في قلوب الذين كفروا. فكان ذلك، ووعده الحق، ولكنا كذلك لا نعلم كيف كان. فالله هو الذي خلق، وهو أعلم بمن خلق، وهو يحول بين المرء وقلبه وهو أقرب إليه من حبل الوريد..
والله الموفق لا ربّ سواه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق