بسم الله الذي إذا ذكر اسمه على صعب سهله الله :
أيها الطيبون :
لما اختلت أوضاع المسلمين ، و اختلت معها مبادئ العلم و الخير و الصلاح ، و قواعد السير إلى الله تعالى بين العلماء و طلاب العلم ، اختلت مفاهيم القرىن في عقول و قلوب الحاملين له ن و التالين له ، فبعد ان كان القرآن منهج حياة ، و مصدر العزة للأمة الإسلامية ، صار مجرد دراسات كلامية ، أو مفاهيم هلامية لا تلامس واقع الناس ، و لا تكون لهم باعثا على الرقي و السير إلى الامام ، و صار حاملوه مجرد دراويش ، حالقي اللحى ، يدعون للمآتم و الولائم ، و الداعون و المدعوون بعيدون عن هدي القرآن .
فقلت في نفسي : إن حامل القرآن هو حامل لراية الإسلام ، لا ينبغي له أن يلغو مع من يلغو، ولا أن يلهو مع من يلهو ، ولا أن يماري السفهاء ، و لا أن يهادن الطغاة ، و أن يقف موقف المتفرج اتجاه قضايا أمته ، ينبغي أن يكون كما كان سالم مولى ابي حذيفة في حروب الردة .
لقد انتقل الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى الرفيق الأعلى، فنجم الكُفر، وظهرتِ الردة، فكان لها أبو بكر - رضي الله عن أبي بكر - فعَقَد الصديق ألويةَ الجهاد لقتالهم وكسْرهم، وكان أقوى الألوية التي عبَّأها لواء خالد بن الوليد سيفِ الله المسلول، فسيَّره الصديق لقتال أعْتى وأقوى المرتدين، إلى جِهة مسيلِمة الكذَّاب، فكانت موقعة اليمامة، من أشرسِ المعارك التي خاضَها خالد بن الوليد والمسلمون معه.
قسَّم ابن الوليد جيشَه ورتَّبه، واعتمد على أهل بدر والسابقين الأوَّلين، فأعطى راية الأنصار لثابت بن قيس، وأعطى راية المهاجرين لسالم مولى أبي حذيفة.
دارتْ رحى الحرب، وحمي وطيسُها، وكان الغلبة في أوَّل المعركة للمرتدين، فكَسروا قلْب الجيش الإسلامي، ووَصلوا إلى خَيْمة خالد بن الوليد ثلاثَ مرات .
قال ابن كثير: قاتلتْ بنو حنيفة قتالاً لم يُعهَد مثله .
عندها صرخ عبقريُّ المعارك خالد بن الوليد في الناس، ونادَى: امتازوا أيها الناس؛ لنعلم بلاءَ كلِّ حي، ولنعلم مِن أين نؤتى، فأشعلتْ كلماته حماسَ الصحابة، فجعلوا يتواصَوْن ويقولون:
يا أصحاب سورة البقرة، بطل السِّحر اليوم، وكان أبو حذيفة يُنادي: يا أهل القرآن، زينوا القرآن بالفِعال، أما سالم موْلى أبي حُذيفة، فقد كان ثابتًا ممسكًا بالراية لم يتزحزحْ عنها، فقال له المهاجرون: يا سالم، إنَّا نخاف أن نؤتى من قِبلك، فقال سالم:
بئس حاملُ القرآن أنا، إن أُتيتم من قبلي.
وفقنا الله تعالى لمراضيه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق