Translate

2014-08-05

خطبة الجمعة بالعربية ليوم 27 جوان 2014.

                             بسم الله الرحمن الرحيم :

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ].[آل عمران: 102] .

[ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً] .[النساء:1]

[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً].[الأحزاب: 70 و71].
 أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم  ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة .
 معاشر المسلمين الكرام ، لنحصر كلامنا اليوم في نقاط خمسىة ، مختصرة مهذبة ، تفيد سامعها ، و تنشطه لطاعة ربه ، و القرب منه تعالى ، و تعينه على مراجعة نفسه تحضيرا لها لما يستقبل من طاعات و مبرات .
أما الأولى :
 فاعلموا أيها الإخوة الكرام    :
 
أنّ الله جل جلاله ، عَفُوٌ كريم ، يعفو عن السيئات،  بل هو في الحقيقة يعفو عن كثير مما لا نعلمه و يعلمه تعالى ثم نظن أنفسنا قد حظينا بالمراتب العلى ، و الدرجات الأولى ، و لو شاء ربنا لفضحنا على رؤوس الأشهاد ، فاعلموا رحمكم الله أننا نتعبد الله تعالى بالستر و العافية ، و نسأله تعالى أن يتم علينا ستره و عافيته في الدنيا و الآخرة ، فإذا تاب العبد توبةً نصوحا تجاوز الله عن سيئاته و أبدلها حسنات قال تعالى :[ إلا من تاب و آمن و عمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات و كان الله غفورا رحيما ] ، أتحب أخي المسلم أن يبدل الله سيئاتك حسنات فاجعل هذا الشهر الكريم منطلقا للتوبة و الإنابة إليه ، فأقلع عما أنت فيه حالا دون تباطؤ أو تأخر ، و اعزم عزما أكيدا على أنّك لا تعصي الله تعالى فيما يستقبل من الأيام ، فكن ذا عزم و إصرار على التوبة و الإقلاع عن الذنب ، و كما قال الشاعر قديما :
إذا كنت ذا رأي فكن ذو عزيمة ... فإن فساد الرأي أن تترددا .
أما الثانية  :
 فهي تختص بهذا الشهر الكريم ، فلا بد أن نغيّر من عاداتنا التي اعتدناها في غيره من الأشهر ، و هي عادات لا ترضي الله تعالى في رمضان و في غير رمضان و لكنها تشتد حرمة في رمضان كما نص على ذلك مشايخنا من أهل العلم ، و هذه العادات السيئة  كالنوم عن الصلاة في وقتها أو تأخيرها بغير عذر شرعي  أو رفع للأصوات في البيوت ، أو سبا للدين أو لكل ما هو مقدس ، فإن كثيرا من الناس يستسهل ذلك و يكون عذره أنه صائم ، مع أن رسولنا صلى الله عليه وسلم أوصانا قائلا : " إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلا يَرْفُثْ ، وَلا يَصخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ : إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ " رواه أصحاب الكتب الستة .
فلا يكثر الإنسان من الحلف و لا رفع الصوت في بيوت الله تعالى أو في الأسواق و غيرها مما يؤذي عباد الله ، و يعطي صورة سيئة عن هذا الشهر الكريم الذي لو عقل الناس معناهُ لتمنّوا أن يكون الشهر كله رمضان ، لخيره و بركته و فضله و عموم نفعه .
أما الثالثة :
فهي وجوب العفو و المسامحة بين المسلمين لبعضهم بعضا حتى يدخلوا أجواء هذا الشهر الكريم و قلوبهم نقية سليمة تستحق أن تكون محل نظر الله و محل استقبال رحماته تعالى  و بركاته و مغفرته و رضوانه  .
قال الله تعالى : ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ أجمع علماء التفسير قاطبة على أن المقصود بكلمة أولي الفضل هو الصديق الأكبر أبو بكر رضي الله عنه، كان يعطي مسطحاً بن أثاثة و هو ابن أخته ، و ينفق عليه ، فهو من أقربائه الفقراء الذين هاجروا في سبيل الله.. وحينما أشاع المنافقون في المدينة حديث الإفك كان مسطح ممّن أطلق لسانه بالخوض فيما يقولون فامتنع  الصديق من الانفاق عليه ،  فعاتبه الله جل جلاله وقال  :  
فليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم. فقال أبو بكر : بلى إنّي أحب أن يغفر الله لي ، فأعاد عليه النفقة .
فقولوا لي بربكم رجل أعاد النفقة لرجل سبّ ابنته و تكلم فيها ، و عفا عنه ، فأين نحن من هاته الأخلاق الإسلامية العظيمة ، يبقى الواحد منّا لا يكلم أخاه لا لشئ ، أو لشيئ تافه حقير ، أو لربما لأمر استحق من أجله عقوبة لكن أن يبقى المسلمان متهاجران متدابران و هما يصليان و يزعمان أنهما لشرع الله محكمان ، فليتق الله هؤلاء ، و ليعودوا إلى رشدهم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح :
يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن ، يقول أخروا هذين حتى يصطلحا .

النقطة الرابعة :

هو أن نجعل بيوتنا في هذا الشهر الكريم تعيش أجواء الخير و المحبة و الرحمة ، فالواجب على مسلم أن يعلم أهله و أولاده الصغار حب الإسلام و حب الصحابة و إخوانه من المسلمين ، و أن يعلمهم من القرآن ما ينفعهم دنيا و أخرى ، فلا تجعلوا بيوتكم كالمقابر لا يتلى فيها قرآن و لا يذكر فيها الرحمن ، علّموا أولادكم لم نصوم ؟ لم نصلي ؟ لم نزكي؟ لم نحج ؟ ، علّموا أولادكم سنة نبيكم بتحفيظهم للأربعين النووية و اجعلوا لهم الهدايا حين يختمون هذه الأحاديث حفظا ، و افرحوا بهم ، قال صلى الله عليه وسلم : كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته
النقطة الخامسة و الأخيرة :

هي لأخواتنا و أمهاتنا المسلمات اجعلن شهر رمضان شهر طاعة و توبة و إنابة و ابتعدن عما لا يرضي الله تعالى من الغيبة و النميمة أو تمضية الكلام فيما لا ينفع ، فإن كل دقيقة تحاسبن عليها ، فأكثرن من الاستغفار و الصلاة و السلام على نبي الاسلام صلى الله عليه وسلم ، و أكثرن من الصدقة ، و كل مسلمة بينها و بين أخت لها خصومة فلتصالح أختها قبل رمضان و أثناءه و خيرهما من تبدأ أختها بالسلام كما قال نبي الاسلام صلى الله عليه وسلم .

أقول قولي هذا و استفغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق