بسم الله الرحمن الرحيم :
إنّ الحمد لله نحمده و نستعينه ، و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله ، فلا مضلَّ له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله.
[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ] .
[ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ].
[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ].
أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله تعالى ، و خير الهديِ هديُ محمد - صلى الله عليه وسلم - ، و إن شرَّ الأمور محدثاتها ، و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة ن وقانا الله تعالى من البدع و الضلالات ، و أهلهما من شياطين الإنس و الجن .
قرأت لبعض من ينسب إلى العلم كلاما عن الموت و أهواله فقال من ضمن ما قال : أنا ما أعتقد أن الموت مؤلم أو مفزع كما يصوره البعض ، الموت لذيذ كالعسل ، باختصار شديد الموت مرحلة ممتعة من مراحل انتهاء الحياة " .
و هذا مفهوم خطأ للموت و حقيقته ، إذ كيف يجرأ رجل يدّعي العلم فيقول هذا الكلام ، المخالف للأحاديث الصحيحة التي ثبتت عن النبي صلّى الله عليه وسلم ، كأنّهم لم يكتفوا بتشويه حقائق الدين ، و طمس معالمه ، حتى وصلوا إلى عقيدة المسلمين ، فجعلوا يعبثون بها ، كما عبثوا بالصلاة و الحج و الصوم و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، فصارت شعائر لا حقيقة لها ، و مظاهر من يدّعي التدين ، و هو عارٍ عنها ، فصرت تجد مسلما يقول : أنا لا أعتقد أن شريعة الإسلام تصلح أن تكون لنا شريعة في هذا الزمان ، و آخر يقول فلنربي أبناءنا تربية عصرية ، فإذا شاء فليرقص ، و إذا شاء أن يغير جنسه من ذكر إلى أنثى ، فهو حر ، و هذه تخصه ، أين إذا مسؤولية الآباء ، و الأمهات المسلمات ، أين حفيدات خديجة و فاطمة و عائشة و أم سلمة ، أم عقمت نساء المسلمين من أن يأتين بمثلهن ، لا و الله إنه ليوجد من المسلمات من جعلت نساء النبي قدوة لها ، و لكن الخبث هو الذي يظهر للعيان .
معاشر المسلمين إن دينكم في خطر ، إن دينكم يلعب به فهل أنتم مستيقظون ، هل أنتم منتبهون ، إنه يقرر لكم عقائد مكذوبة ، و أحاديث مكذوبة ، و الناس عن طلب العلم غافلون ، فكيف يعرفون دينهم ، أم هم له منكرون .
لنتناول القضية الأولى التي ذكرها مدّعي العلم هذا ، و هو قوله أن الموت هو كرحلة سياحية يقوم بها المسلم على ضفاف الأنهار ، و خلجان المحيطات ، هل هذا صحيح أم كذب محض ، و إفتراء على الله تعالى .
روى الإمام أحمد في مسنده ، و أبوداود ، و النسائي ، و ابن ماجة في سننهم ، و ابن خزيمة في صحيحه ، و الحاكم في المستدرك ، و البيهقي في سننه ، و الضياء في كتابه المختارة ، بأسانيد صحيحة كالشمس في ضحاها ، و القمر إذا تلاها ، و النهار إذا جلاها ، و من أنكرها فحياته ، كالليل إذا يغشاها ، عن البراء بن عازب رضي الله عنه ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة ، فجلس النبي أمام قبره ، و نحن معه كأنّ على رؤوسنا الطير ، فقال :
إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا و إقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة و حنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله و رضوان فتخرج فتسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن و في ذلك الحنوط و يخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الطيب ؟ فيقولون : فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا به إلى سماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح له فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهي إلى السماء السابعة فيقول الله عز و جل : اكتبوا كتاب عبدي في عليين و أعيدوا عبدي إلى الأرض فإني منها خلقتهم و فيها أعيدهم و منها أخرجهم تارة أخرى ; فتعاد روحه فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هو رسول الله فيقولان له : و ما علمك ؟ فيقول : قرأت كتاب الله فآمنت به و صدقت فينادي مناد من السماء : أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة و ألبسوه من الجنة و افتحوا له بابا إلى الجنة فيأتيه من روحها و طيبها و يفسح له في قبره مد بصره و يأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول : أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له : من أنت ؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير فيقول : أنا عملك الصالح فيقول : رب أقم الساعة رب أقم الساعة ؟ حتى أرجع إلى أهلي و مالي ، و إن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا و إقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الخبيثة ! اخرجي إلى سخط من الله و غضب فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود[ الخشبة ] من الصوف المبلول فيأخذها فإذا أخذها لم يَدَعُوْهَا في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح و يخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الخبيث ؟ ! فيقولون : فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا ، فيستفتح له فلا يفتح له ، ثم قرأ : { لا تفتح لهم أبواب السماء } فيقول الله عز و جل : اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى فتطرح روحه طرحا فتعاد روحه في جسده ، و يأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري فينادي مناد من السماء : أن كذب عبدي فأفرشوه من النار و افتحوا له بابا إلى النار فيأتيه من حرها و سمومها و يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه و يأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول : أبشر بالذي يسوؤك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول : من أنت فوجهك الوجه يجيء بالشر ؟ فيقول : أنا عملك الخبيث فيقول : رب لا تقم الساعة ، رب لا تقم الساعة . حديث صحيح .
هذا هو دين الحق الذي فيه يمتري كثير من الناس .
فاعملوا معاشر المسلمين ، لمثل هذا اليوم ، هذا يوم خاف منه الصحابة ، ووجل منه الصالحون ، و قام لأجله العلماء الليل ، و صاموا النهار .
فأين نحن منهم ، ماذا قدمنا لهذا اليوم ، هل تصدقنا فأخفينا صدقاتنا لله ، هل صلينا خاشعين ، هل أمسكنا علينا ألسنتنا فلم نغتب أحدا ، هل سامحنا بعضنا بعضا ، هل أكرمنا أباءنا و أمهاتنا ، هل اتبعنا أمر الله و عظمنا شرائعه ، و شعائره ، هل نصرنا رسول الله و عزرناه ووقرناه ، و اتبعنا سنته ، هل طلبنا العلم الواجب علينا .
هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما روى الإمام البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما حضرته الوفاة كان بين يديه ركوة فيها ماء فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول: لا إله إلا الله ، إن للموت سكرات ، ثم نصب يده فجعل يقول: في الرفيق الأعلى حتى قبض ومالت يده.
و روى أيضا قوله صلى الله عليه وسلم : إنّي أوعك كما يوعك الرجلان منكم .
وقال مجاهد في قوله تعالى:[ وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ ] ، قال: إذا عاين الرسل فعند ذلك تبدو له صفحة وجه ملك الموت ، فلا تسأل عن طعم مرارة الموت وكربه عند ترادف سكراته . هنالك تتوب كل نفس ، و لا يقبل الله توبة عبد عندها .
أتيت القبور فناديتها ..... فأين المعظم و أين المحتقر .
تساووا جميعا فما مخبر..... و ماتوا جميعا و مات الخبر
فيا سائلي عن أنس مضوا......هل لك فيما مضى معتبر
برنامج عملنا هذا الأسبوع :
- أن نحافظ على صلواتنا في وقتها هذا الأسبوع.
- أن نتصل بأبائنا و أمهاتنا فنطلب منهم السماح و المغفرة .
- أن أشرح لزوجتي و أولادي حديثين خلال هذا الأسبوع .
- أن أقرأ لهم قصة صحابي واحد ، خلال هذا الأسبوع .
- أن أحبب أولادي ، في رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وأصحابه ، رضوان الله عليهم .
- أن نكثر من ذكر الله تعالى .فنقول : لا إله إلا الله ، مائة مرة كل يوم .
- أن نستغفر الله كل يوم مائة مرة .
- أن نصلّي على رسول الله كل يوم مائة مرة .
- نحاول أن لا نغتاب أحدا هذا الأسبوع .
- أن نتصالح مع إخواننا الذين بيننا و بينهم نزاع .
- أن نسامح بعضنا بعضا .
- أن نذكر الموت و سكراته كل يوم .
- أن نجهز قبرنا بالأعمال الصالحة .
- أن نتصدق بخمسة أورو هذا الأسبوع ، لله عز و جل .
كل هذا و هو قليل ، لكنه عند الله كثير ، عسى الله أن يرحمنا و يتوب علينا ، و نقدم على القبر فنجده روضة من رياض الجنّة .
أقول قولي هذا و أستغفر الله العظيم لي و لكم ، فيا فوز المستغفرين استغفروا.
الخطبة الثانية : صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، و دعاء للمؤمنين .
إنّ الحمد لله نحمده و نستعينه ، و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله ، فلا مضلَّ له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله.
[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ] .
[ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ].
[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ].
أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله تعالى ، و خير الهديِ هديُ محمد - صلى الله عليه وسلم - ، و إن شرَّ الأمور محدثاتها ، و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة ن وقانا الله تعالى من البدع و الضلالات ، و أهلهما من شياطين الإنس و الجن .
قرأت لبعض من ينسب إلى العلم كلاما عن الموت و أهواله فقال من ضمن ما قال : أنا ما أعتقد أن الموت مؤلم أو مفزع كما يصوره البعض ، الموت لذيذ كالعسل ، باختصار شديد الموت مرحلة ممتعة من مراحل انتهاء الحياة " .
و هذا مفهوم خطأ للموت و حقيقته ، إذ كيف يجرأ رجل يدّعي العلم فيقول هذا الكلام ، المخالف للأحاديث الصحيحة التي ثبتت عن النبي صلّى الله عليه وسلم ، كأنّهم لم يكتفوا بتشويه حقائق الدين ، و طمس معالمه ، حتى وصلوا إلى عقيدة المسلمين ، فجعلوا يعبثون بها ، كما عبثوا بالصلاة و الحج و الصوم و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، فصارت شعائر لا حقيقة لها ، و مظاهر من يدّعي التدين ، و هو عارٍ عنها ، فصرت تجد مسلما يقول : أنا لا أعتقد أن شريعة الإسلام تصلح أن تكون لنا شريعة في هذا الزمان ، و آخر يقول فلنربي أبناءنا تربية عصرية ، فإذا شاء فليرقص ، و إذا شاء أن يغير جنسه من ذكر إلى أنثى ، فهو حر ، و هذه تخصه ، أين إذا مسؤولية الآباء ، و الأمهات المسلمات ، أين حفيدات خديجة و فاطمة و عائشة و أم سلمة ، أم عقمت نساء المسلمين من أن يأتين بمثلهن ، لا و الله إنه ليوجد من المسلمات من جعلت نساء النبي قدوة لها ، و لكن الخبث هو الذي يظهر للعيان .
معاشر المسلمين إن دينكم في خطر ، إن دينكم يلعب به فهل أنتم مستيقظون ، هل أنتم منتبهون ، إنه يقرر لكم عقائد مكذوبة ، و أحاديث مكذوبة ، و الناس عن طلب العلم غافلون ، فكيف يعرفون دينهم ، أم هم له منكرون .
لنتناول القضية الأولى التي ذكرها مدّعي العلم هذا ، و هو قوله أن الموت هو كرحلة سياحية يقوم بها المسلم على ضفاف الأنهار ، و خلجان المحيطات ، هل هذا صحيح أم كذب محض ، و إفتراء على الله تعالى .
روى الإمام أحمد في مسنده ، و أبوداود ، و النسائي ، و ابن ماجة في سننهم ، و ابن خزيمة في صحيحه ، و الحاكم في المستدرك ، و البيهقي في سننه ، و الضياء في كتابه المختارة ، بأسانيد صحيحة كالشمس في ضحاها ، و القمر إذا تلاها ، و النهار إذا جلاها ، و من أنكرها فحياته ، كالليل إذا يغشاها ، عن البراء بن عازب رضي الله عنه ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة ، فجلس النبي أمام قبره ، و نحن معه كأنّ على رؤوسنا الطير ، فقال :
إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا و إقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة و حنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله و رضوان فتخرج فتسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن و في ذلك الحنوط و يخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الطيب ؟ فيقولون : فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا به إلى سماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح له فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهي إلى السماء السابعة فيقول الله عز و جل : اكتبوا كتاب عبدي في عليين و أعيدوا عبدي إلى الأرض فإني منها خلقتهم و فيها أعيدهم و منها أخرجهم تارة أخرى ; فتعاد روحه فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هو رسول الله فيقولان له : و ما علمك ؟ فيقول : قرأت كتاب الله فآمنت به و صدقت فينادي مناد من السماء : أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة و ألبسوه من الجنة و افتحوا له بابا إلى الجنة فيأتيه من روحها و طيبها و يفسح له في قبره مد بصره و يأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول : أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له : من أنت ؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير فيقول : أنا عملك الصالح فيقول : رب أقم الساعة رب أقم الساعة ؟ حتى أرجع إلى أهلي و مالي ، و إن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا و إقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الخبيثة ! اخرجي إلى سخط من الله و غضب فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود[ الخشبة ] من الصوف المبلول فيأخذها فإذا أخذها لم يَدَعُوْهَا في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح و يخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الخبيث ؟ ! فيقولون : فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا ، فيستفتح له فلا يفتح له ، ثم قرأ : { لا تفتح لهم أبواب السماء } فيقول الله عز و جل : اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى فتطرح روحه طرحا فتعاد روحه في جسده ، و يأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري فينادي مناد من السماء : أن كذب عبدي فأفرشوه من النار و افتحوا له بابا إلى النار فيأتيه من حرها و سمومها و يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه و يأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول : أبشر بالذي يسوؤك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول : من أنت فوجهك الوجه يجيء بالشر ؟ فيقول : أنا عملك الخبيث فيقول : رب لا تقم الساعة ، رب لا تقم الساعة . حديث صحيح .
هذا هو دين الحق الذي فيه يمتري كثير من الناس .
فاعملوا معاشر المسلمين ، لمثل هذا اليوم ، هذا يوم خاف منه الصحابة ، ووجل منه الصالحون ، و قام لأجله العلماء الليل ، و صاموا النهار .
فأين نحن منهم ، ماذا قدمنا لهذا اليوم ، هل تصدقنا فأخفينا صدقاتنا لله ، هل صلينا خاشعين ، هل أمسكنا علينا ألسنتنا فلم نغتب أحدا ، هل سامحنا بعضنا بعضا ، هل أكرمنا أباءنا و أمهاتنا ، هل اتبعنا أمر الله و عظمنا شرائعه ، و شعائره ، هل نصرنا رسول الله و عزرناه ووقرناه ، و اتبعنا سنته ، هل طلبنا العلم الواجب علينا .
هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما روى الإمام البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما حضرته الوفاة كان بين يديه ركوة فيها ماء فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول: لا إله إلا الله ، إن للموت سكرات ، ثم نصب يده فجعل يقول: في الرفيق الأعلى حتى قبض ومالت يده.
و روى أيضا قوله صلى الله عليه وسلم : إنّي أوعك كما يوعك الرجلان منكم .
وقال مجاهد في قوله تعالى:[ وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ ] ، قال: إذا عاين الرسل فعند ذلك تبدو له صفحة وجه ملك الموت ، فلا تسأل عن طعم مرارة الموت وكربه عند ترادف سكراته . هنالك تتوب كل نفس ، و لا يقبل الله توبة عبد عندها .
أتيت القبور فناديتها ..... فأين المعظم و أين المحتقر .
تساووا جميعا فما مخبر..... و ماتوا جميعا و مات الخبر
فيا سائلي عن أنس مضوا......هل لك فيما مضى معتبر
برنامج عملنا هذا الأسبوع :
- أن نحافظ على صلواتنا في وقتها هذا الأسبوع.
- أن نتصل بأبائنا و أمهاتنا فنطلب منهم السماح و المغفرة .
- أن أشرح لزوجتي و أولادي حديثين خلال هذا الأسبوع .
- أن أقرأ لهم قصة صحابي واحد ، خلال هذا الأسبوع .
- أن أحبب أولادي ، في رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وأصحابه ، رضوان الله عليهم .
- أن نكثر من ذكر الله تعالى .فنقول : لا إله إلا الله ، مائة مرة كل يوم .
- أن نستغفر الله كل يوم مائة مرة .
- أن نصلّي على رسول الله كل يوم مائة مرة .
- نحاول أن لا نغتاب أحدا هذا الأسبوع .
- أن نتصالح مع إخواننا الذين بيننا و بينهم نزاع .
- أن نسامح بعضنا بعضا .
- أن نذكر الموت و سكراته كل يوم .
- أن نجهز قبرنا بالأعمال الصالحة .
- أن نتصدق بخمسة أورو هذا الأسبوع ، لله عز و جل .
كل هذا و هو قليل ، لكنه عند الله كثير ، عسى الله أن يرحمنا و يتوب علينا ، و نقدم على القبر فنجده روضة من رياض الجنّة .
أقول قولي هذا و أستغفر الله العظيم لي و لكم ، فيا فوز المستغفرين استغفروا.
الخطبة الثانية : صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، و دعاء للمؤمنين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق