Translate

2015-05-18

خطبة الجمعة ليوم 15-05-2015.


إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ].
[ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً].
[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ].


أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله ، و خيرَ الهدي هديُ محمد صلى الله عليه وسلّم ، و شرَّ الأمور محدثاتها ، و كلَّ محدثة بدعة ، و كل بدعة ضلالة ، و قانا الله و إيّاكم من البدع و الضلالات و أهلها ، و سلكنا في أهل السنّة و الجماعة ، و على رأسهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم .


معاشر المسلمين الكرام :


ذكر ابن هشام في سيرته ، و أطبق على ذلك من جاء بعده من المؤرخين و كتاب السيرة ،

أنّ النبي صلى الله عليه وسلّم دعا قومه قريشا ما يقارب إثني عشر عاما ، فضاقوا به ذرعا ، و رفضوا دعوته ، و هجروه و لم يستطيعوا إيذاءه كما يحبون ، فلما توفي عمه أبو طالب وصل إيذائهم إليه ، ثم التحقت زوجه الكريمة خديجة بربها رضي الله عنها ، حزن النبي صلى الله عليه وسلم لذلك حزنا شديدا ، و سمي عام الحزن ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن أرض مكة صلدة قاسية لا تقبل بذرة التوحيد ، و ليست صالحة لتلقي الخير، انطلق الحبيب إلى الطائف يبحث عمّن يؤمن بهذا الدين فمشى على رجليه ما يقارب 110 كيلومتر على ، فلما دخل الطائف لم يؤمنوا به و أغروا به سفهاءهم فسبوه و ضربوه عليه الصلاة و السلام ، حتى أدموا قدميه الشريفتين ، فدخل بستانا لعتبة و شيبة ابني ربيعة فلما رأيا ذلك منه رقّا له و أرسلا له غلاما لهما نصراني بقطف من عنب ، فلمّا وضعه بين يديه تناوله رسول الله صلى الله عليه وسلم و قال : بسم الله و أكل ، فقال له عداس : إن هذا الكلام لا يقوله أهل هاته البلاد ، فقال له صلى الله عليه وسلم من أي البلاد أنت يا عدّاس ؟ قال : أنا من نينوى ، فقاله له صلى الله عليه وسلم ، من بلد الراجل الصالح يونس بن متى ، فقال له عداس : و ما أدراك ما يونس بن متّى ؟ فقال : ذاك أخي ، كان نبيا ، و أنا نبي .


فأكب عداس يقبل رأسه و يديه و رجليه .


إن الله الذي رأى قلب نبيه حزينا كئيبا لفقد زوجه الكريمة ، و عمه المساند له و المدافع عنه ،فلما ردّه أيضا أهل الطائف و آذوه أرسل له ملك الجبال يستأذنه ليطبق عليهم الأخشبين ، فقال له : لا ، لعلّ الله أن يخرج من أصلابهم من يقول : لا إله إلا الله ، و كذلك كان ، فصلّوا على نبي الرحمة ،صاحب القلب الكبير ، و الخير في ركابه يمشي أبد الدهر.


فلما رجع إلى مكة اشتد إيذاء قريش له فأراد ربّه سبحانه و تعالى أن يسرّي عن نبيه صلى الله عليه وسلم الأحزان و الهموم . ففي ليلة من الليالي جاءه جبريل عليه السلام فاصطحبه معه في رحلة لم يسمع بها من قبل و لن يسمع بها من بعد ، إنّها رحلة الإسراء و المعراج .


فأسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى بيت المقدس، راكبًا على البُرَاق، صحبة جبريل عليهما الصلاة والسلام ، فنزل هناك ، وصلى بالأنبياء إمامًا، وربط البراق بحلقة باب المسجد‏.


يقول الله تعالى : [ سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنّه هو السميع البصير ] الإسراء ، الآية 1 .‏
ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء الدنيا، فاستفتح له جبريل ففتح له، فرأى هنالك آدم أبا البشر، فسلم عليه، فرحب به ورد عليه السلام، وأقر بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء الثانية، فاستفتح له، فرأي فيها يحيى بن زكريا وعيسى ابن مريم، فلقيهما وسلّم عليهما، فردا عليه ورحبا به، وأقرّا بنبوته‏.‏
ثم عرج به إلى السماء الثالثة، فرأي فيها يوسف، فسلم عليه فرد عليه ورحب به، وأقر بنبوته‏.‏
ثم عرج به إلى السماء الرابعة، فرأي فيها إدريس، فسلم عليه، فرد عليه، ورحب به، وأقر بنبوته‏.‏
ثم عرج به إلى السماء الخامسة، فرأي فيها هارون بن عمران، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به، وأقر بنبوته‏.‏
ثم عرج به إلى السماء السادسة، فلقى فيها موسى بن عمران، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به، وأقر بنبوته‏.‏
فلما جاوزه بكى موسى، فقيل له‏:‏ ما يبكيك ‏؟‏ فقال‏:‏ أبكى؛ لأن غلامًا بعث من بعدى يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتى‏.‏

ثم عرج به إلى السماء السابعة، فلقى فيها إبراهيم عليه السلام، فسلم عليه، فرد عليه، ورحب به، وأقر بنبوته‏.‏

ثم رفع إلى سدرة المنتهى ، ثم عرج به إلى الجبّار جل جلاله ، فأوحى إلى عبده ما أوحى، وفرض عليه خمسين صلاة ، فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله عز وجل، حتى جعلها الله خمسًا ، فالحمد لله على توفيقه و منّه سبحانه و تعالى .


فلما رجع و أخبر الناس بما حصل له كذّبته قريش ، و لكن أبا بكر صدّقه بما قال قبل أن يسمع من النبي صلى الله عليه وسلّم فسمي صدّيقا رضي الله عنه و أرضاه .


ممّا يستفاد من حادثة الإسراء و المعراج الأمور التالية :


- أولا لم يثبت حديث صحيح يبين السنة و الشهر الذي وقعت فيه هاته الحادثة ، و لا تسأل عن اليوم ، لكن كثير من أهل العلم قالوا أنّها كانت عاما قبل الهجرة و ارتضاه الإمام النووي – رحمه الله تعالى - و ادّعى ابن حزم الإجماع على ذلك ، لكن الخلاف موجود و لا إجماع يدّعى .


- ثانيا : ليعلم المسلم أنّه كلما ضاقت عليه الدنيا ، و تغير الناس عليه من حوله ، و عاداه من أجل دينه الدنيا كلها ، فإن الله جاعل له فرجا و مخرجا ممّا هو فيه .


- ثالثا : نعلم قدر و عظمة الرسول صلّى الله عليه وسلّم فنستمسك بدينه و سنته لكي نكون معه ، يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .


- رابعا : ندرك أهمية الصلاة و مكانتها في ديننا ، فنحرص عليها فنؤديها في أوقاتها و لا نتلاعب بها ، فإنه دين عظيم ، و أول ما يحاسب عليه الأنسان هو الصلاة فإن صلحت صلح سائر عمله ، و إن فسدت فسد سائر عمله .


نصيحتنا لأخواتنا المسلمات : أن يجعلن من سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم القدوة في تربية أبنائهن ، و عليهن أن يتعلمن سيرته حتى تكون عونا لهن على دينهن و يزددن حبا لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .


أقول قولي هذا و أستغفر الله العظيم لي و لكم فيا فوز المستغفرين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق