Translate

2016-06-08

آفات تفسد على الإنسان دينه و عبادته ، و تقطع عنه سيره إلى الله تعالى .

بسم الله الرحمن الرحيم :


الآفة الأولى :الفتور.

معناه :
لغة : يطلق الفتور على معنيين :

أ) الانقطاع بعد الاستمرار أو السكون بعد الحركة .

ب)الكسل أو التراخي أو التباطؤ بعد النشاط والجد .
أسبابه :
ويمكن أن يدخل الفتور إلى النفس بسبب من الأسباب التالية :

(‍1) الغلو والتشدد في الدين : بالانهماك في الطاعات وحرمان البدن حقه من الراحة والطيبات فإن هذا من شأنه أن يؤدى إلى الضعف أو السأم والملل وبالتالي : الانقطاع والترك بل ربما أدى إلى سلوك طريق أخرى عكس الطريق التي كان عليها فينتقل العامل من الإفراط إلى التفريط ومن التشدد إلى التسيب وهذا أمر بديهي إذ للإنسان طاقة محدودة فإذا تجاوزها اعتراه الفتور فيكسل أو ينقطع ولعل ذلك هو السر في تحذير الإسلام الشديد ونهيه الصريح عن الغلو ، والتنطع ، والتشديد إذ يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ( إياكم والغلو في الدين فإنما هلك من قبلكم بالغلو في الدين ) ، ( هلك المتنطعون ) قالها ثلاث يعنى : المتعمقين المجاوزين الحدود في أقوالهم أفعالهم.

وعن أنس رضى الله عنه - قال : جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم - في السر ، فلما أخبروها كأنهم تقالوها ، وقالوا أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم - قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ؟ قال أحدهم : أما أنا فأصلى الليل أبداً ، وقال الآخر : وأنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال الثالث : وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم - إليهم فقال :( أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ أما والله إني لأخشاكم إلى لله وأتقاكم له ، لكنى أصوم وأفطر ، وأصلى وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس منى ) ، وعن عائشة رضى الله تعالى عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وعندها امرأة ، فقال من هذه ؟ قالت : هذه فلانة تذكر من صلاتها ، قال: مه ، عليكم بما تطيقون ، فوالله لا يمل الله حتى تملوا ) 
وكان أحب الدين ما داوم صاحبه عليه .

2- السرف ومجاوزة الحد في تعاطى المباحات :

فإن هذا من شأنه أن يؤدى إلى السمنة وضخامة البدن ، وسيطرة الشهوات ، وبالتالي التثاقل ، و الكسل و التراخي ، إن لم يكن الانقطاع و القعود ، ولعل ذلك هو السر في نهي الله ورسوله ، وتحذيرهما من السرف ، قال تعالى :[ يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ما ملأ ابن آدم وعاء شر من بطنه ] .

3- مفارقة الجماعة ، وإيثار حياة العزلة و التفرد : 

ذلك أن الطريق طويلة الأبعاد ، متعددة المراحل ، كثيرة العقبات في حاجة إلى تجديد ، فإذا سارها المسلم مع الجماعة ، وجد نفسه دوماً ، متجدد النشاط ، قوى الإرادة ، صادق العزيمة ، أما إذا شذّ عن الجماعة وفارقها ، فإنه سيفقد من يجدد نشاطه ، ويقوى إرادته ، ويحرك همته ، ويذكره بربه فيسأم ويمل ، وبالتالي يتراخى ويتباطأ ، إن لم ينقطع ويقعد.
ولعل هذا بعض السر في حرص الإسلام وتأكيده وتشديده على الجماعة ، وتحذيره من مفرقتها ، و الشذوذ عنها إذ يقول الله تعالى { واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا }.

4- قلة تذكر الموت و الدار الآخرة :

فإن ذلك من شأنه أن يؤدى إلى فتور الإرادة ، وضعف العزيمة ، وبطء النشاط و الحركة ، بل قد يؤدى إلى الوقوف والانقطاع ، ولعلنا في ضوء هذا نفهم الحكمة من أمره صلى الله عليه وسلم - بزيارة القبور بعد النهي و التحذير ، إذ يقول :( إني نهيتكم عن زيارة القبور ، فزوروها فإن فيها عبرة ). وفي رواية :( كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، فزوروا القبور ، فإنها تزهد في الدنيا وتذكّر الآخرة ) كما نفهم الحكمة من حضّه صلى الله عليه وسلم من تذكر الموت ، وانتهاء الأجل إذ يقول :
( أيها الناس استحيوا من الله حق الحياء ، فقال رجل : يا رسول الله إنا نستحي من الله تعالى ؟ فقال : من كان منكم مستحيياً فلا يبيتن ليلة إلا وأجله بين عينيه ، وليحفظ البطن وما حوى و الرأس وما وعى وليذكر الموت و البلى ، وليترك زينة الدنيا ).
يتبع إن شاء الله تعالى .

هناك تعليقان (2):

  1. Masha allah Cheikh.D'une grande utilité.

    ردحذف
  2. حفظكم الله أخي و رعاكم ، و فتح لنا و لكم أبواب الخير .

    ردحذف